قصه سلسله الأقدار كامله
كانت تشعر و هي تسير بذلك الرواق الذي بدا طويلا لا ينتهي كمعاناتها تماما فلطالما إختبرت الحياة صبرها بأقسي الطرق بداية من خسارتها لوالدتها في عمر التاسعه عشر و توليها أمر العنايه بطفلة صغيرة لم تتجاوز العاشرة من عمرها و مرض والدها الذي لم يكن يتحمل فراق زوجته و ظل ينازع في الحياة حتي لحق بها بعد سبعة أعوام قضاها بين أروقة المشافي و هي خلفه تسانده بكل لحظات مرضه و تعتني بشقيقتها الصغيرة دون كلل لتتوالي الصعاب حين أجبرتها الحياة عن التخلي عن حلمها بعد أن اجتازت السنه الأولي من كليه الطب بتفوق لتجد أن أحوالهم الماديه و العائليه لا تسمح لها بالإستمرار بها و إضطرت إلي تحويل أوراقها لكليه التجارة و التي لا تتطلب حضورا مستمرا و لا أموال كثيرة و هذا أحزن والدها كثيرا و لكنها كانت تتظاهر أمامه بأنها لا تهتم و أن هذا الأفضل لها و أستمر الحال حتي أسترد الخالق أمانته و تركها والدها تواجه مصاعب الحياة وحدها و قد كانت شقيقتها مازالت بعمر المراهقه مما جعلها تثابر و تجاهد حتي حصلت علي عمل في إحدي الشركات الكبيرة و بإجتهادها و برغم كل العراقيل و الصعوبات التي واجهتها إلا أنها استطاعت أن تثبت أقدامها و تثبت نفسها في العمل و إستمرت الحياة تارة هادئه و تارة صاخبه حتي ظنت بأنها ابتسمت لها اخيرا حين تعرفت علي حسام الصاوي كان زميلها في العمل و قد تعرفت عليه بعد أن كان قادما من فرع الشركه بمدينه الإسكندريه للعمل في الفرع بالقاهرة و قد سرق فؤادها فور أن وقعت عيناها عليه و قد وقع في حبها هو الآخر و ظنت بأنها أخيرا وجدت طريق السعادة حين طلب منها أن يتقدم لخطبتها و بالفعل تمت الخطبه و قد كانت في قمة سعادتها معه فقد كان كالحلم وسيم لبق ذو بنيه قويه متوسط الطول بشوش الوجه و ذو حس فكاهي كان يهون عليها الكثير و يدعمها بكل الطرق و استمرت الحياة الورديه بينهم لبضعة أشهر و لكن دائما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن و فجأة تغير كل شئ حين جاءتة ترقيه و التي تتطلب السفر للعمل في فرع الشركه بالخارج و
الزواج و السفر معه و لكنها كانت مكبله بواجبها تجاه شقيقتها التي ليس لها أحد في تلك الحياة سواها و
هكذا وجدت نفسها
في مواجهه صعبه وضعها
بها حسام الذي اتهمها بأنها لا تحبه و لا تفكر في مستقبلهما و لم تنفع محاولاتها في التأثير عليه و إقناعه بحبها له لذا اضطرت أن تأخذ جانب شقيقتها في النهاية فهي أبدا لن تتخلي عنها حتي لو كان الثمن سعادتها
بإسمه تنتفض كل ليله كعصفور صغير ضړبته صاعقه لتهرول إليها شقيقتها ټحتضنها محاولة تهدئتها كل ليلة و قد أستمر الحال طويلا إلي أن استيقظت ذات يوم و هي تشعر بالنفور من ما وصلت إليه حالتها و قد نفضت عنها ثوب الضعف و إرتدت قناع القوة و اللامبالاة و قد أقسمت حينها بألا تدع شئ في الحياة يهزمها .
لأول مرة بحياتها تتمني المۏت بل و تشتهيه عله يريحها من هذا الألم الذي تشعر به فقد كانت الخسارة فادحه فمن كانت تقاوم لأجلها و تتحدي كل الصعاب في سبيل الحفاظ عليها هي السبب في هلاكهما معا .
تقدمت إلي الدخل بخط ثقيله فوجدت جنه التي كانت تتسطح علي ظهرها و وجهها في الناحيه الآخري و قد كانت ترفرف برموشها كمن يحارب واقعا أصبح مفروضا عليه و لكنها ما أن سمعت صوت الباب يغلق خلفها حتي تجمدت الډماء بعروقها و شعرت بضربات قلبها و كأنها إبر تنغز بكامل جسدها فتؤلمه بطريقه لا تحتمل و لا تتناسب مع سنوات عمرها الواحد و عشرون .
ليه !
كانت تلك الكلمه التي استطاعت فرح التفوه بها و التي كانت يتردد صداها بعقلها الذي كان كالمسعور يريد معرفه الإجابه علها تهدئ من نيران غضبه و لو قليلا و لكن لم يصل إلي مسامعها سوي صوت بكاء جنة التي كانت شهقاتها تشق جوفها من شدة الألم و لم يستطع لسانها سوي التفوه بعبارات إعتذار واهيه لا تسمن و لا تغني من جوع
لا تعرف كيف خرج صوتها بتلك القوة حين صړخت و هي تقول بقلب
ردي عليا . عملتي في نفسك كدا ليه
إرتجفت جنة ړعبا من مظهر شقيقتها التي بدت و كأن الصدمه أصابتها بالجنون و قد أنشق قلبها لنصفين كونها السبب في حالتها تلك لذا حاولت التحرك من مكانها لتصل إليها فلم تستطع من شدة الألم فحاولت مد يدها لتمسك بيد شقيقتها التي كانت علي بعد خطوتين منها و لكن حدث ما لم
ناظرتها فرح بعينان إرتسم بها الخيبه و الڠضب و القهر في آن واحد و قالت بمراره
سمعاكي. سمعاكي يا مدام جنة !
كانت تلك الكلمه مرة كالعلقم في فمها حين تفوهت بها و لكن كان بداخلها شعاع أمل بسيط بأن تنفي شقيقتها ذلك العاړ الملصق بها و لكنها قابلتها بدموع الإقرار بذنبها العظيم مما جعلها تسقط جالسه فوق أقرب مقعد قابلها و هي تقول بضعف ممزوج بخيبه أمل
هتقولي إيه يا جنه . عندك إيه تقوليه في إيه ممكن يمحي الچريمه إلي عملتيها في حق نفسك و حقي ليه يا جنة ليه رخصتي نفسك كدا ليه دانا ضيعت عمري كله عشانك ! ليه يا جنه ليه
كانت كلمات شقيقتها حادة كنصل سکين أخذ و هي لا تستطيع سوي البكاء فقط فقد تبخر كل شئ من عقلها في تلك اللحظه حين رأت شقيقتها مڼهارة بتلك الطريقه
فقد إعتادت عليها قويه شامخه
و قد كانت تراها الجدار الذي تتكئ عليه دائما و لكن الآن إنهار جدارها الحامي و كانت هي الفأس
التي حطمته !
للحظه لم تدرك ما حدث
و لكنها إرتعبت حين رأت فرح تهب من مكانها تقف أمامها و قد إرتسم الجنون بنظراتها و قست ملامحها و إمتدت يدها تمسك بكتفيها تهزها پعنف و هي تقول بلهجه قاسيه و نبرة قويه
عملتي كدا ليه ردي عليا
و كأن لسانها فقد قدرته علي الحديث فلم تستطع سوي
أن تبكي پعنف و هي تهز رأسها يمينا و يسارا و قلبها يرتجف ړعبا و ألما كلما هزتها شقيقتها التي قالت بصړاخ
ردي عليا .
أتبعت جملتها بصفعه قويه سقطت من يدها علي خد جنة التي برقت عيناها مما حدث و توقف جسدها عن الأهتزاز و تجمدت
الدموع بمقلتيها من فرط الصدمه
التي كانت أضعافها من نصيب فرح التي
تراجعت خطوتان للخلف و هي تنظر إلي كفها تارة و خد جنة تارة آخري غير مصدقه ما فعلته و لكن تلك البقعة الحمراء علي وجنة شقيقتها جعلتها تدرك ما حدث لتجد نفسها تهرول للخارج دون أن يكون لها القدرة علي إيقاف قدميها و لم تشعر سوي و هي خارج بناء المشفي فتوقفت تحديدا أمام الباب الرئيسي لتستعيد أنفاسها الهاربه و أخذ ا يعلو و يهبط فسقط جزعها العلوي إلي الأمام و أسندت يدها فوق ركبتيها و هي تلهث بقوة و عبراتها ترتطم بالأرض أمامها دون توقف .
مرت لحظات و هي علي هذه الحالة إلي أن إستطاعت أن تستقيم في وقفتها و أخذتها قدماها إلي الحديقه و ما أن خطت خطوتان حتي تسمرت في مكانها حين وجدت ذلك الجسد الضخم يقف أمامها بشموخ يعطيها ظهره و دخان سجائره يشكل سحابه هائله فوقه فقادها الفضول لتتقدم خطوتان إلي حيث يقف و وجدت نفسها تقول بصوت مبحوح
أنت بتعمل إيه هنا
لا يعلم كيف و لكنه علم بهوية ذلك الصوت الذي كان منذ بضعة أيام مليئ بالتحدي و العنفوان و الآن أصابه الضعف و الخيبه حتي خرج مبحوحا جريحا بهذا الشكل
نفس السبب إلي مخليكي هنا
هكذا أجابها بإختصار دون أن يستدير لينظر إليها فقد توقع ملامحها من المؤكد أنها تحمل ألم نبرتها .
تقدمت خطوتان حتي وقفت بجانبه و قد بدأت تعي ما يحدث حولها فأخذت تنظر أمامها پضياع قبل أن تسمعه يقول بنبرة جامدة
كان عندك حق !
صمتت لبرهه قبل أن تقول بنبرة خافته
هو عامل إيه دلوقتي
أخذ نفسا طويلا فشعرت بأنه يجاهد حتي يخرج الكلام من بين شفتيه حين قال بجمود
أدعيله بصوت خفيض و لكنه مسموع
اللهم إني لا أسألك رد القضاء و لكني أسألك اللطف فيه
وجد نفسه لا إراديا يردد ذلك الدعاء و لكن بداخله فقد كان لأول مرة بحياته يقف عاجزا مكبل بقيود القدر الذي وضع شقيقه الأصغر قاب قوسين أو أدني من مفارقة الحياة.
فوضعه خطړ للغايه هكذا أخبرهم الطبيب و هو لم يستطع الإنتظار بالداخل فقط شعر بالإختناق و بالضعف الذي لا يليق به خاصة و أنه الداعم الرئيسي لعائلته لذا ترك شقيقته و والدته و بجانبهم سليم أخاه الأصغر في الدخل و خرج إلي الهواء الطلق عله يستطيع التنفس و إخراج شحنات ألمه بلفائف سجائره التي تناثرت أسفل قدميه بإهمال فشكلت صورة من يري عددها يجزم بأن هذا الشخص حتما يريد الإنتحار .
معرفتش إلي حصل دا حصل إزاي
لا تعلم لما خرج هذا السؤال السخيف من فمها فما حدث لا يكن بالشئ الهام أمام عواقبه و لكنها أرادت قطع الصمت القائم حتي تهرب من الأحدايث التي تدور بعقلها و تقوده إلي الجنون.
لا . بس هعرف
كانت إجابة قاطعه كلهجته