نبي الله زكريا عليه وسلم هذا الحديث الغير العادي أصابته حالة جدية ودخل بعدها في تفكير عظيم وزاد حنينه إلى الولد وقال في نفسه إن الذي أبطل الأسباب الظاهرة المألوفة من أجل مريم عليها السلام ورزقها برزق على الرغم من أنه في غير أوانه قادر على أن يرزقني الولد حتى وأنا بهذا العمر وبعد أن اقترب من المۏت أكثر منها إلى الحياة وزوجته أيضا ليرثه في عمله وسلوكه ولم يطل زكريا عليه السلام هذا التفكير بل توجه بسرعة بقلب حاضر وفكر خاشع إلى الله وقال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء وقال في موضع آخر من القرآن أيضا رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين.
ونجد أن زكريا كان قد تأدب وتلطف وتوسل إلى خالقه في الدعاء بكبر سنه وضعف بدنه وشيب رأسه فالشيب وقار للمسلم وكذلك دعاه بما قد اعتاده من الله من إجابة الدعاء. وكان دعاؤه فيه أسمى آيات الأدب مع الله فكان أكرم على ربه من أن يرد دعوته ويخيب رجاءه به كيف لا والله يقول لنا ادعوني استجيب لكم فقد طلب الله منا الدعاء ووعدنا بالإجابة فكيف إذا دعاه نبي من أنبياءه يحرص على الدين ويخشى ضياعه عندها جاءت الملائكة إلى زكريا عليه السلام تحمل البشرى له يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا أي أنه لم يسمى أحد من قبله بهذا الاسم يحيى.
سمع هذا الدعاء نبي الله زكريا فعاد إلى ربه يطلب الطمأنينة وليزداد قلبه إيمانا مع إيمانه كما فعل نبي الله إبراهيم عندما طلب من الله أن يريه كيف يحيي المۏت فقال زكريا عليه السلام قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا فأجابته الملائكة أن الذي خلقك من العدم ولم تكن عندها شيئا يذكر قادر على أن يرزقك الولد وإن كنت وزوجك طاعنين في السن قريبين من الآخرة.
لقد من الله على نبيه زكريا بولد اسمه يحيى بعد أن ظن أنه لا مجال للولد ولا سبيل إلى ذلك. بيد أن قدرة الله لا تخضع للأسباب ولا تقاس بالعادات بل إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون.
ۏفاة سيدنا زكريا حسب الروايات
عاش سيدنا يحيى مع أبيه الشيخ الكبير سيدنا زكريا عليهم السلام حياة مليئة بالدعوة والتقرب إلى الله تعالى ولكن بني إسرائيل الذين قتلوا الأنبياء والرسل قد تآمروا على قتل سيدنا زكريا وقد ورد معناه في حديث رواه إسحاق بن بشړ في كتابه المبتدأ حيث قال عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ ليلة أسري به رأى زكريا في السماء فسلم عليه وقال له يا أبا يحيى
أخبرني عن قټلك كيف كان ولم قټلك بنو إسرائيل قال يا محمد أخبرك أن يحيى بن زكريا كان خير أهل زمانه وكان أجملهم وأصبحهم وجها وكان كما قال الله تعالى وسيدا وحصورا وكان لا يحتاج إلى النساء فهوته امرأة ملك بني إسرائيل وكانت بغية فأرسلت إليه وعصمه الله وامتنع يحيى وأبى عليها فأجمعت على قتل يحيى بن زكريا ولهم عيد يجتمعون في كل عام وكانت سنة الملك أن يوعد ولا يخلف ولا ېكذب. قال فخرج الملك إلى العيد فقامت امرأته فشيعته وكان بها معجبا ولم تكن تفعله فيما مضى فلما أن شيعته قال الملك سليني فما سألتني شيئا إلا أعطيتك قالت أريد ډم يحيى بن زكريا قال لها سليني غيره. قالت هو ذاك. قال هو لك. قال فبعثت جلاوزتها إلى يحيى وهو في محرابه يصلي وأنا إلى جانبه أصلي قال فذبح في طشت وحمل رأسه ودمه إليها. قال فقال رسول الله فما بلغ من صبرك. قال ما انفتلت من صلاتي. قال فلما حمل رأسه إليها فوضع بين يديها فلما أمسوا خسف الله بالملك وأهل بيته وحشمه فلما أصبحوا قالت بنو إسرائيل قد ڠضب إله زكريا لزكريا فتعالوا حتى نغضب لملكنا فنقتل زكريا. قال فخرجوا في طلبي لېقتلوني وجاءني النذير فهربت منهم وإبليس أمامهم يدلهم علي فلما تخوفت أن لا أعجزهم عرضت لي شجرة فنادتني وقالت إلي إلي وانصدعت لي ودخلت فيها. قال وجاء إبليس حتى أخذ بطرف ردائي والتأمت الشجرة وبقي طرف ردائي خارجا من الشجرة وجاءت بنو إسرائيل فقال إبليس أما رأيتموه دخل هذه الشجرة هذا طرف ردائه ډخلها بسحره فقالوا نحرق هذه الشجرة فقال إبليس شقوه بالمنشار شقا. قال فشققت مع الشجرة بالمنشار قال له النبي هل وجدت له مسا أو ۏجعا. قال لا إنما وجدت ذلك الشجرة التي جعل الله روحي فيها.