روايه احفاد الچارحي مكتمله جميع الفصول الجزء الخامس
رأسه عن حافة المقعد ليرمقه بنظرة ڼارية استهدفته فكادت باحراقه اړتعب حازم بجلسته فنهض وهو يطرق بيده على ساق عمر الجالس لجواره
_طب استأذن انا بقى لحسن يدوب ألحق الشوط الاخير.
منحه عمر بسمة ساخطة
_أمن بابك وأنت نايم.. محدش ضامن ممكن يجرالك أيه!
جحظت عينيه پخوف اتبعه في خطاه السريع للداخل ضحك معتز وهو يلحق به قائلا
هز رائد رأسه بملل ثم نهض وهو يشير اليهم
_اشوفكم بكره يا رجالة.
وغادر هو الأخر فلم يتبقى سوى احمد وعدي وعمر مرت عليهم ساعة كاملة ومازال أحمد يطرح اقتراحات مبدائية لحل تلك المعضلة حتى عمر حاول جاهدا بإيجاد أي حل قد يناسب أخيه وحينما فشل أخبره
_عدي محدش فينا اتولد وهو عنده الخبرة الكافية اللي تخليه يبقى الليدر.. مش عيب انك تطلب مساعدة بابا وتسمع اقتراحاته عشان نكسب الصفقتين دول أنت عارف انه أكتر منك خبرة وأكيد عنده الحل.
_أنا معنديش غرور الا في أي شيء يخص ياسين الچارحي.
وتطلع للفراغ وهو يردد بامتعاض
_لو حلول الدنيا كلها خلصت مستحيل هلجئ لحلك ده.
كبت عمر ضحكاته وتمتم باستهزاء
_ده لو ضرة هتتحب أكتر من كده.. يا جدع ده أبوك والله أجبلك البطاقة!
بنظرة صارمة وتعابير جادة
رفع حاجبيه بسخط
_أنت طول عمرك مش طايق حد.. يا حبيبي انت محتاج علاج نفسي يؤهلك انك تتقبل الهوا والماء ثم البشر اللي حوليك.
خشى أحمد أن تتصاعد الامور فيما بينهما وياسين ليس لجواره لمعاونته لفض الڼزاع وخاصة هذا العمر الذي اختار وقت غير مناسب بالمرة للمزح القارص لذا قال سريعا
انصاع إليه وغادر بصمت تام بينما ظل أحمد جواره يحاول التواصل لحل فباغته عدي بسؤال انتابه وهو يتفحص الاوراق بين يده
_هو مين المنافس العربي اللي ممكن ياخد صفقة من دول يا أحمد
أجابه على الفور
_احنا لينا منافسين كتار بره مصر وجواها يا عدي.
_لا المناقصة دي لو حد هيعرف ياخدها هيكون عربي..
ابتسم وهو يفكر بحديثه قليلا ثم شرح له تفاصيلا عن منافسين شركات الچارحي فانتهى عند ذكر اهمهم
_وأخرهم رجل الأعمال مهاب أبو العزم الراجل ده من عتاولة السوق وبينافس حاليا شركاتنا.. المخيف ان مفيش مناقصة ډخلها الا وكسبها.. سمعت كمان انه مش لوحده ليه أكتر من شريك من جنسيات مختلفة ومبيظهروش.. يعني من الآخر محدش عارف مين اللي بيحركه.
_عايش في مصر
نفت اجابة أحمد ما قال
_لا في دبي بينزل مصر كل فين وفين.
لاحت على وجهه بسمة ماكرة فتابع تأمل الورق بشرود جعله مغيب عن سماع باقي حديث أحمد حتى حينما أخبره بأنه سيصعد لغرفته لتأخر الوقت وبعد رحيله بدقائق أخرج عدي هاتفه ثم اختار احد الارقام ومرر زر الاتصال وهو ينتظر سماع صوت رفيقه وبعد دقيقتين اتاه صوته التاعس يردد
_خير.. في حد يطلب حد بالوقت ده!
صوته الحازم اتى عبر الهاتف ليعبر آلاف الاميال
_مازن.. فوق واسمعني.
تثأب بنوم
_فوق واسمعني دي بطلنها من ساعة ما سبنا المهنة رجعتلها تاني يا وحش ولا أيه!
بعصبية قال
_قوم حالا أغسل وشك وفوق بدل ما اتصل بمروج واخليها هي اللي تفوقك.
صوته الخائڤ أخبره
_بلاش بنت عمك الله يكرمك العيال مطلعين عنيها ومصدقت تنام جنبهم هتيجي تفتحلي مرشح ومحاضرة وقتية عن جحود قلبي اللي سابها تعاني معاهم ليل نهار.. العملية مش ناقصة.
وهرع لحمام غرفته ثم غسل وجهه عدة مرات وهو يخبره
_اهو فوقت... وكلتا أذني صاغية.
قال بجدية تامة
_عايزك تعرفلي معلومات عن رجل أعمال مقيم عندك في دبي اسمه مهاب أبو العزم.
رد عليه بشك
_ليه عملك أيه البائس اللي ربنا وقعه في طريقك ده!
بفتور صړخ به
_شايفني سڤاح! الموضوع مرتبط بالشغل مش أكتر.
طرق بيده على الكوماد وهو يردد بتذمر
_أنا سبت الداخلية وسبتلك مصر كلها وبرضه مشغلني عندك.. طب أروح فين تاني يا جدع المالديف!!
ناداه بټهديد مبطن
_مازن اتعدل احسنلك.
اجابه بنفور
_اتعدلت..حاضر اديني يومين تلاتة وأنا هحاول اجبلك المطلوب.
_لا.. هما 24ساعة بس ويكون عندي كل التفاصيل اللي تخصه.
_ليه يا عم.. حد قالك اني بنجم!!
_لا اللي قالي قالي انك كنت ظابط شرطة وتقدر تعمل أكتر من كدا.
وبدون أي مبررات أغلق الهاتف بوجهه ليردد الأخير پغضب
_بيتصل وبيقفل بمزاجه من يوم يومك وإنت مفتري!
بغرفة أحمد
السكون يخيم على أجوائها الغير مستقرة بذاك الوقت فبدا إليه الأمر غريبا بعض الشيء وخاصة حينما لم يجدها بالفراش فاختار أن يناديها عله يتأكد من إنها بالغرفة
_أسيل!
_وحشتني.
رفع يديه يحتضن يدها التي تتشبث به والابتسامة الهادئة تزين شفتيه التي نطقت لتريح ما يزعج الأخيرة
_متقلقيش أنا مش هعاتبك في اللي عملتيه لاني فعلا غلطت في حقك.
وجذبها أحمد لتقف مقابله ففركت أصابعها بارتباك من مساندتها للفتيات بتلك الحړب في حين بأنه لم يقدم لها سوءا من قبل فبالرغم من انشغاله الا حينما كانت تحتاج لوجوده كان يترك كل شيء ويأتيها متلهفا حتى حينما تتصل به هاتفيا لتثرثر بحديثها الذي لا نهاية له كان يسمعها بصدر رحب مثلما اعتاد ولم يطلب منها مرة بأن تغلق المكالمة لانه بالعمل خلع أحمد جاكيته ثم حرر الجرفات بضيق من تحملها طوال اليوم وجلس على المقعد يحرر حذائه وهو يسألها باهتمام
_احكيلي بقا يومك كان عامل ازاي
جلست مقابله بحماس وهي تقص له عما فعلته طوال اليوم وبالأخص الجزء المتعلق باتفاقية الفتيات وتحريض نور لهم قهقه أحمد عاليا وهو يسمع لحديثها ثم قال
باستمتاع
_ملقتوش غير ياسين الچارحي مفيش أحلى من كده حلول!
اتبعته أسيل وهو يتجه لخزانته الخاصة ففتح ازرر قميصه وهو يستعد لارتداء منامتة من القطن وهو يتابع حديثها بتركيز فصاحت بحدة
_بتضحك ما احنا مخلناش حاجة غير وعملناها هنعمل أيه تاني!
انتهى من تبديل ملابسه ثم خرج ليقف قبالتها وهو يرفع يده باستسلام
_حبيبتي انتي تعملي اللي تحبيه.. المهم انك حررتي الطاقة السلبية اللي جواكي ولا لا
ابتسمت بسعادة وهو تخبره براحة كبيرة
_لا أنا انبسطت جدا جدا.
حك رأسها بأصابعه وكأنه يداعب طفلا صغيرا
_وهو ده المهم.
اتجهت من خلفه للفراش كالصغير الذي يتتبع خطى أبيه فجذب احمد الغطاء حتى تمددت لجواره ثم فرده عليهما وهو يستمع لباقي حديثه الحماسي
_بس يا سيدي الدنيا هادية وعدم وجود ماما وطنط آية وطنط يارا مخلينا ناخد حرية في اتخاذ القرارات لو موجودين كانوا هيهدوا الدنيا وكعادتهم هيصبرونا على الابتلاء اللي احنا فيه لكن طنط ملك وطنط دينا عسلات سيبنا براحتنا.
اخفى وجه الصديق المرحب بسماع أقرب صديقاته للنهاية ثم أستحوذ على جانب الزوج المحب لمعشوقته فدنا بوجهه منها وهو يتساءل بعتاب
_ بقى أنا ابتلاء! بالذمة ده كلام
جحظت عينيها پصدمة لما خاڼها لسانها على قوله فقالت بضحكة ظنتها ستنهي الأمر
_أنت احسن ابتلاء.. ثم إن ربنا سبحانه وتعالى مش بيبتلي العبد الا لما يكون بيحبه فأكيد بيحبني عشان يبتليني بيك ولا أيه!
تجعد جبينه من فرط دهشة وجهه فأشار لها بسخرية
_بلاش تحللي الأمثال تاني يا أسيل.
باقتناع قالت
_أنا بقول كده برضه.
هز رأسه بابتسامة ساحرة وقال بخبث تشكل بنبرته الجادة
_انتي كنتي بتقوليلي حاجة مهمة أول ما دخلت وأنا مخلتكيش تكملي كلامك.
رمشت بعينيها الساحرة كمحاولة للتذكر
_أمته ده!
رفع الغطاء فوق رؤؤسهما ثم جذبها اليه وهو يهمس لها بخبث
_هفكرك.
الظلام يملئ الغرفة الا من طاقة نور صغيرة تأتي من المصباح الصغير الموضوع جوار الفراش انتظام أنفاسها جعله يتيقن بغفلتها الغير مصطنعة فأبدل عمر ملابسه ثم تمدد لجوارها على الفراش وهو يراقبها بابتسامة هادئة وسرعان ما غفى سريعا ولم يطول بنومته فبدأ بفتح عينيه على صوتها المتقطع فوجد العرق يغمر وجهها بغزارة حركاتها المنفعلة جعلته يخمن ما تراه بنومها وخاصة حينما همست بخفوت
_حلا... لأ.
لا يريد أن تعود لذلك المطاف الشاق الذي بذل كل ما بوسعه ليجعلها تنسى ما خاضته بتلك الفترة لذا حركها برفق وهو يناديها
_نور.. افتحي عيونك ده مجرد حلم.
لم تنصاع ليده لذا لم يكن هناك سبيلا أخر سوى جذبها عن الوسادة إليه ففتحت عينيها الباكية وهي تمتم پألم مزق نياط قلبه
_حلا.. بنتي!
احتضن وجنتها بين أصابعه وهو يجبرها على التطلع له وسماع ما سيقول
_اهدي.. حلا كويسة وفي أوضتها.
اغرقت عينيها بالدموع وصوتها الباكي يخبره
_هاتها.
أشار لها بتفهم وسرعان ما نهض عن فراشه ليسرع لغرفة ابنته الرضيعة القابعة لجوار غرفته فحملها بين ذراعيه بحرص بالا يوقظها ثم عاد ليضعها بين يدها فضمتها لصدرها وعينيها تتشبع بملامحها تارة تقبلها وتارة تزيح دموعها وعمر مازال يراقبها بحزن اتبع نبرته التي حملت ۏجع عالم بأكمله
_لحد أمته هتفضلي كده يا نور... الزعل وحش على اللي في بطنك.
رفعت عينيها إليه وكأنها تشكو له مرارة ما تواجهه كل ليلة شعر بأنها تود الحديث معه ولكنها تخشى أن ېعنفها مثلما تفعل كل مرة فمنحها نظرة حنونة واحتواء جعلها ټنفجر بالبكاء وهي تردد
_أنا السبب في مۏتها.. أنا السبب يا عمر!
ضمھا إليه ومازالت تضم الصغيرة فعاد نفس جملته التي يخبرها بها كلما تصمم على قولها هذا ولكن تلك المرة قالها بهدوء
_ قضاء الله نافذ يا نور.. ربنا اختارها واختارلها الطريقة اللي ماټت بيها.. عشان خاطري بلاش تلومي نفسك على حاجة انتي مالكيش ذنب فيها.
رفعت وجهها تجاهه وبانفعال تفاجئ به عمر قالت
_أنت السبب.. أنت اللي صممت تسمي بنتي حلا... كأنك مصمم تفكرني باللي عملته.
جحظت عينيه في صدمة ألجمته عن الحديث فتثاقلت كلماته وهي تحاول الخروج عن منطقها
_معقول يا نور شايفاني كده!! انتي معترضتيش على الاسم لما ولدتي جاية دلوقتي وتتهميني الاتهام ده!
صړخت به مجددا وكأنها تحاول التنفيس عما يجوب بداخلها
_كنت مجبورة اسكت لاني كنت حاسة انك حابب تعاقبني.. سكوتك نفسه عن اللي حصل كان عشان كده.
صړاخها أفزع الصغيرة التي بكت بين يدها حملها عنها عمر ثم نهض وهو يربت على ظهرها بحنان حتى غفت على كتفيه مجددا ومازالت نظراته الصامتة تحيط بها فقال وهو يتجه لغرفة ابنته
_سكوتي كان رضا بقضاء ربنا وابتلائه..أنا مقدر الحالة اللي أنتي فيها عشان كده مش هحاسبك على اللي قولتيه ده وأنتي أكتر واحدة عارفة حسابي عامل ازاي..
وتركها وغادر في صمت فأغلق باب غرفة ابنته من خلفه ثم تمدد جوار الصغيرة پألم استهدفته كلماتها في مقټل فلم يعاتبها يوما على ما فعلته لانه لا يرى بأنها مخطئة أبدا عكس ما ترى هي ذاتها به..
استندت نور برأسها على الفراش وأغلقت عينيها بقوة وهي تحارب ذكرى هذا اليوم التعيس فعادت لترى من أمامها شبح الماضي المجسد كتسجيل لا يخص سواها